الأحد 5 أكتوبر 2025، شهدت سوريا أول انتخابات لمجلس الشعب (البرلمان السوري) بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024. هذه الانتخابات تأتي في سياق انتقالي حاسم، حيث يُعتبر مجلس الشعب الجهة التشريعية الرئيسية في البلاد، ويضم عادةً 250 مقعداً يُنتخبون لمدة أربع سنوات. الانتخابات تجري في جميع المحافظات السورية، وتمثل خطوة أولى نحو بناء نظام سياسي جديد تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي دعا السوريين إلى المشاركة الواسعة لبناء "سوريا الجديدة". ومع ذلك، صاحبت العملية جدلاً واسعاً، بما في ذلك دعوات للمقاطعة من بعض الفصائل والتيارات السياسية، وانتقادات لعدم الشفافية أو التمثيل الحقيقي للشعب.
السياق التاريخي والسياسي
بعد سقوط نظام الأسد، الذي حكم سوريا لأكثر من 50 عاماً، دخلت البلاد مرحلة انتقالية سريعة. أصبح أحمد الشرع (المعروف أيضاً باسم أبو محمد الجولاني سابقاً) الرئيس الانتقالي، وشكلت حكومة انتقالية تركز على إعادة الإعمار والاستقرار. الانتخابات اليوم هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بالنظام، وتهدف إلى تشكيل برلمان يمثل التنوع السوري، بما في ذلك المكونات العرقية والدينية والإقليمية. وفقاً للجنة العليا للانتخابات، تم تفعيل النظام الانتخابي المختلط، الذي يشمل دوائر انتخابية فردية نسبية ، لضمان تمثيل أوسع. كما أكدت اللجنة أن العملية تتم تحت إشراف دولي جزئي، مع مراقبين من دول الجوار مثل تركيا والسعودية، التي وصفت الانتخابات بأنها "خطوة مفصلية" في تاريخ سوريا.تفاصيل العملية الانتخابية
عدد المرشحين والتنوع:
يتنافس 1578 مرشحاً على المقاعد، منهم 14% فقط نساء (حوالي 221 امرأة). من أبرز الترشح اللافت، ترشح السيدة غدير محمد مرعي (منقبة من حمص) وابن الحاخام اليهودي في دمشق، مما أثار تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على محاولة التمثيل للأقليات. كما ترشح السوري الأمريكي هنري حمرا، نجل آخر رئيس وزراء سوري، مما يعكس محاولات لجذب السوريين في الخارج.
النظام الانتخابي: يعتمد على الاقتراع المباشر في دوائر انتخابية، حيث يصوت الناخبون لمرشحين فرديين أو قوائم. في بعض الدوائر، مثل دير الزور، تم الإعلان عن نتائج مبكرة بناءً على أصوات فردية (مثل عامر البشير بـ77 صوتاً). العملية تشمل أيضاً مقاعد محجوزة للأقليات، مثل المقعد اليهودي الذي فاز به مرشح لأول مرة.
سير الاقتراع:
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها صباحاً (حوالي الساعة 8 صباحاً) وكان من المقرر إغلاقها مساءً، لكن تم مد التصويت حتى الساعة 3 عصراً في دمشق ومحافظات أخرى بسبب التدفق المتزايد. أشارت عضو اللجنة العليا لارا عيزوقي إلى أن "صناديق الاقتراع هي من يحدد ممثلي الشعب". ومع ذلك، أفادت تقارير بمشاركة منخفضة نسبياً في بعض المناطق، مع انتقادات لـ"انتخابات انتقائية" أو "مهزلة" على منصة إكس (تويتر سابقاً).
المراقبة والأمن:
تم نشر قوات أمنية لضمان السلمية، مع مراقبين محليين و دوليين. لم يسجل حوادث كبيرة، لكن بعض النشطاء وصفوا العملية بأنها "مسرحية" بسبب النتائج السريعة في بعض الدوائر.
النتائج الأولية والفرز بدأت عمليات الفرز فور إغلاق الصناديق في بعض المراكز، ومن المتوقع إعلان النتائج النهائية غداً (6 أكتوبر)، مع استقبال الطعون.
إليك جدولاً بأبرز النتائج المتاحة حتى الآن (من دير الزور، كمثال):الدائرة
الفائزون الرئيسيون
الأصوات (تقريبية)
مدينة دير الزور
عامر البشير، فجر فوزي الأحمد، خالد جمال الخلف، أحمد الشلاش، أكرم العساف
77، 58، 56، 55، 55
مدينة البوكمال
محمود العويص، أمير الدندل، أسامة العساف
غير محددة بعد
مدينة الميادين
مروان النزهان، عايش الزرقة
غير محددة بعد
هذه النتائج تعكس تفوق المرشحين المحليين، مع تركيز على التمثيل القبلي والإقليمي. في مناطق أخرى مثل حماة، أثارت فوز مرشحة تُلقب بـ"ملكة جمال حماة" (رولا وليد زويغي) جدلاً حول الشفافية.
الجدل والردود الفعل رغم الدعوات الرسمية للمشاركة
أعلن تيار وطن الديمقراطي رفضه الكامل للانتخابات، واصفاً إياها بـ"إهانة لتاريخ البلاد العريق". على إكس، انتشرت تغريدات ساخرة مثل "انتخابات مجلس شعب بدون تصويت الشعب" أو "مسخرو سوريا"، مع اتهامات لـ"الذباب الإلكتروني" بالهجوم على الحكومة. من جهة أخرى، نشرت فيديوهات لمرشحين يحتفلون بفوزهم، مثل "بروف فادي صقر" الذي أعلن "التكويع" (التراجع) ساخراً. دولياً، رحبت تركيا بالانتخابات كـ"خطوة إيجابية"، بينما حذرت منظمات حقوقية من مخاطر عدم التمثيل الحقيقي للأقليات.
الخاتمة والتوقعات
هذه الانتخابات تمثل اختباراً للحكومة الانتقالية، حيث يُتوقع أن يركز المجلس الجديد على قوانين الإعمار والعدالة الانتقالية. إذا نجحت في تعزيز الثقة، قد تفتح الباب لانتخابات رئاسية أوسع. ومع ذلك، يظل التحدي في مواجهة الانقسامات الداخلية والضغوط الخارجية. لمتابعة التطورات .